Monday, June 23, 2008

اللجنة


أفيش مهرجان الشيشان السينمائى الأول تحت شعار ـ سفينة نوح ـ يشمل رسوم لكتب القرآن والإنجيل والتوراة كرمز للسلام بين الأديان والشعوب وربما يعد أول مهرجان سينمائى يلجأ لمثل هذه الرموز التى قد تفسره خطئا بمهرجان عن تعدد الأديان بينما المعنى المقصود هو فى اختيار الأفلام ذو النبرة الإنسانية ..لا أكثر ولا أقل.
ومنذ البداية أصريت ان اكون من ضمن اللجنة المختصة بالأفلام الروائية الطويلة فقط بينما رئيس لجنة التحكيم أرادها لجنة موحدة تشمل تحكيم الأفلام التسجيلية والقصيرة أيضا وخضع فى الإجتماع الأول للجنة بتقسيمها الى لجنتين .. الروائية وتتكون من أربع اشخاص تشمل رئيس اللجنة وهو مخرج قديم من جورجيا وروسى وممثل شيشانى ومحسوبكم .. واللجنة الأخرى تضم أميركى وإيطالية ونرويجية.. والمفاجأة كانت فى الإجتماع الأخير بمحاولة رئيس اللجنة مرة أخرى بضم الإثنين وواجه صعوبة من اللجنة الأخرى التى وصلت الى قرارها ولن تسمح بتدخل اللجنة الأولى فى ذلك ونجحت فى اصرارها وبالتالى حصل الفيلم التسجيلى الروسى ـ جمع الظلال ـ على احسن فيلم تسجيلى لمخرجته ماريا كرافشينكو .. وحصل الفيلم المصري ـ ساعة العصارى ـ على احسن فيلم قصير للمخرج شريف البندارى .. وتبقى التحكيم فى الأفلام الروائية والتى كنت وحيدا بين ثلاث يتحدثون باللغة الروسية وأنا معتمدا على مترجم وكان صراع صوت ضد ثلاث أصوات وبالرغم من ذلك تمكنت الى حد كبير من جذب أصوات للأفلام التى تمنيت لها الفوز .. صراع دفعنى لحظة ان اتهمهم انهم مافيا روسية .. وقد تغلبوا على فى بعض الجوائز فمثلا حاولت ان احصل على جائزة التصوير لرمسيس مرزوق عن فيلم ـ ألوان السما السبعة ـ ولم أوفق.. حاولت ان تحصل ممثلة فيتنامية على احسن ممثلة فآعطوها لإيرانية .. وهكذا .. وفى النهاية الجوائز الرئيسية أنا راضى عنها..
احسن فيلم و أحسن سيناريو للفيلم الجزائرى ـ البيت الأصفر ـ وإحسن اخراج للفيلم البرازيلى ـ طريق النجوم ـ
وهو عنوان مرادف فى علم الفلك .. أما بقية الجوائز مثل عمل أول ـ أعطوها لفيلم تسجيلى ـ وأحسن ممثل وجائزة خاصة فلم اقتنع بهم.
***
علمت اليوم ان زوجتى وسام سليمان قد حصلت على جائزة الدولة التشجيعية عن سيناريو ـ بنات وسط البلد ـ وقد أسعدنى ونسانى تجربة الشيشان بأكملها
والى اللقاء

Sunday, June 22, 2008

الرحلة

الرحلة من القاهرة الى موسكو تستغرق أربع ساعات والرحلة من مطار موسكو الى الفندق استغرقت خمس ساعات ... معقول الكلام ده ... هذا ما حدث لى بسبب غباء سائق السيارة الذى حاول تفادى زحام موسكو الذى بالفعل أضعاف زحام القاهرة ووقع فى مصيدة طريق دائرى .. فالبداية لم تكن مشجعة بتاتا.. ففى موسكو اسرع طريقة هو مترو الأنفاق بالرغم من زحامه أيضا .. وقبل ان اسرد لكم تجربتى بالشيشان سأنتقل الى معاناة العودة الى القاهرة من موسكو.. فموعد الطائرة كان الثامنه وعشرون دقيقة مساءا والإتفاق كان التحرك من الفندق فى الخامسة إلا ان السيارة لم تحضر إلا فى السادسة وأيقنا ان من المستحيل الوصول الى المطار فى الموعد المتاح للإجراءات قبل السفر فتم قرار اللحاق بالقطار السريع المخصص للمطار.. وفى سباق مع الزمن والزحام وصلنا الى محطة القطار فى السادسة وأربعون دقيقة .. والجرى جارا ورائي حقيبة السفر تمكنا من ركوب القطار لنصل الى المطار فى السابعة والربع ثم الجرى مرة أخرى مسافة كبيرة للوصول الى صالة السفر واجراءات الأمن كنت أمام كونتر السفر حوالى السابعة وأربعون دقيقة واندهشت لقبولهم سفرى فى هذا الوقت الزمنى القصير قبل الإقلاع.. وحين فى النهاية ارتميت على مقعدى واغلق باب الطائرة تنفست الصعداء .. وثمن هذه البطولة ظهرت بعد ساعات قليلة بآلام الكتف والذراع والساقين .
جروزنى عاصمة الشيشان مدينة لا تزال تعالج جروح الحروب التى كادت تدمرها تماما ومهرجانها السينمائى الأول ليس إلا واجهة لتعلن للعالم انها قادرة على البقاء على قيد الحياة .. فعمليات اعادة البناء والترميم مستمرة فى جميع انحائها ولكن هذا لم يخفى التوتر المحسوس .. فإن كان المحاربين من أجل الإستقلال قد انسحبوا الى الجبال
فهم لا يزالوا يهددوا أمن البلد .. فكعضو بلجنة التحكيم وضيف من ضمن ضيوف المهرجان كنا جميعا محاصرين لتأمين زيارتنا .. فإنتقالتنا كانت فى شكل موكب سيارات تقوده دائما سيارة بوليس تشق طريقها بسرينتها المدوية الى جانب سيارة مسلحة بالكلاشنكوفات وكان اى اختلاط بالحياة العادية إما ممنوع أو محدد أو مراقب .. فمثلا تسللت يوما مع المخرج الشاب شريف البندارى الى حديقة قريبة من صالة العرض وجلسنا بين السكان نأكل الآيس كريم فإذ بمواطنة تحمل طفل رضيع تبدى دهشتها لوجودنا وتتصل تطوعا من تليفونها المحمول لتستدعى رجل أمن الذى ظهر يدعونا العودة الى القطيع .. حتى لو كان الهدف هو حمايتنا فالشعور بفقدان الحرية لم يكن من السهل تجاهله.
أما عن الأفلام والنتائج فتفاصيلها المرة القادمة.
والى اللقاء

Sunday, June 8, 2008

صحراء فورد


هذا هو جون فورد ملك الويسترن يقف متحديا الزمن فى صحراء ه الحمراء ومونيامنت فالى .. حيث تلك الصخرة العملاقة التى توجت خلفية العديد من أفلامه الويسترن وأتخيل ان ـ سيدونا ـ التى زارها مؤخرا صديقى محمد رضا هى بالمنطقة التى يزعم رضا بالإستجمام فيها بينما أزعم انه ذهب ليستدعى أرواح عشرات الشخصيات التى عاشت فى عالم فورد من أبطال وثانويين .. ربما يسمع صهيل الجياد عن بعد وربما يرى فى السراب جون وين أو هنرى فوندا أو جيمس ستيوارت أو ريتشارد ويدمارك ممتطين جيادهم مندفعين نحوه فى مواجهة أخيرة .. وربما يرى رضا نفسه الصحفى اللبنانى يتبع مسيرة عصابة الأخوة جيمس ولو اننى لا أتذكر شخصية لبنانى أو سورى أو مصرى فى ويسترن .. الصينى ربما ولو انه عادة الطباخ... وأكيد سيستدعى رضا أرواح جاك إلام و وودى سترود و غيرهم من الشخصيات الثانوية التى أغنت أفلام فورد .. وبشكل تلقائي أبدء رسائلى الى رضا ب ـ أميجو ـ
وهى صديقى ولو انى اكتبها وأنا أنطقها بلكنة مكسيكية فكم من مرة سمعتها فى ويسترن ما ... فقد سأل عنى رضا مشكورا لغيابى عن المدونة .. فربما موجة الحر أو استعدادى للسفر الى الشيشان عبر موسكو التى لم أزورها منذ ١٩٨٧ قبل البروسترويكا .. وربما انشغالى الذهنى بفيلمى القادم ..وربما مجرد كسل مؤقت .. فإذا كانت رحلة رضا الى سيدونا ستمده بمزيد من الطاقة ليتجلى فى مدونته .. فلعل الشيشان تزيدنى بالمثل..
والى اللقاء

Sunday, June 1, 2008

زائر الفجر


فى أغسطس ١٩٧٢ عدت من لندن شهر أجازة واخرجت فيلم قصير ـ البطيخة ـ ٩ دقائق / أبيض واسود / ٣٥مم بتكلفة ٣٠٠ جنيه فقط .. ثلاثمائة وليس ثلاث آلاف لحس حد يفتكر نسيت صفر .. تصوير سعيد شيمى ومونتاج أحمد متولى وانتاجى مع خال زوجة سعيد المرحومة أبية فريد // كل واحد فينا حط ١٥٠ جنيه .. وسافرت بعد المكساج وقبل ان اشاهد النسخة الأولى .. أثناء هذه الزيارة قابلت المخرج الشاب ممدوح شكرى عند أحمد متولى بحجرة المونتاج فى ستوديو الأهرام حيث كان فيلمه الثالث والأخير ـ زائر الفجر ـ فى مرحلة المونتاج .. وذاكرتى بهذا الشاب انه كان شديد الثقة بنفسه وعنده عادة هز سلسلة المفاتيح التى فى يده طوال الوقت ولم أكن ادرى طبعا ان فيلمه سيكون الأخير فى حياته اذ انه توفى فى شهر ديسمبر من العام التالى عن عمر ٣٤ سنة بعد ان أصيب بالصفرا .. مرض الفقراء .. فممدوح رحمه الله كان من خريجى الدفعة الأولى لمعهد السينما .. وعمل كمساعد فى فيلم يوسف شاهين ـ الناصر صلاح الدين ـ وفيلم حسين كمال ـ المستحيل ـ ومع فطين عبد الوهاب أيضا قبل ان يشترك فى اخراج فيلم ـ ثلاثة وجوه للحب ـ مع ناجى رياض و مدحت بكير .. الفيلم كان عبارة عن ثلاث قصص من تأليف ممدوح .. اخرج كل منهم قصة وكان هذا عام ١٩٦٩ .. فى ١٩٧٠ اخرج أول أفلامه الطويلة ـ أوهام الحب ـ وتبعه بفيلم ـ الوادى الأصفر ـ
ثم ـ زائر الفجر ـ الذى عرض بعد وفاته عام ١٩٧٥ ويعتبر من أهم أفلام الفترة .. بطولة عزت العلايلى و ماجدة الخطيب الى جانب مجموعة من الممثلين منهم شكرى سرحان و مديحة كامل و تحية كاريوكا و يوسف شعبان و سعيد صالح و زيزى مصطفى و رجاء الجداوى و جلال عيسى وحتى نلمح عايدة رياض بالفيلم .. نخبة هائلة وهم فى أوائل صعودهم أو منهم من تمتع ببطولات من قبل .. ولكن روح التضامن فى عمل ملحوظ والذى من الصعب الحصول عليه اليوم.. والسيناريو كتبه رفيق الصبان ومدير التصوير رمسيس مرزوق والديكور نهاد بهجت ومونتاج أحمد متولى الى جانب المخرج بركات الذى اشرف على انتاج الفيلم لصالح هيئة السينما .. وحتى أعطى الكتابة عن الفيلم حقها بعد ان شاهدته مرة أخرى مؤخرا هو ان أنقل لكم ما كتبه سامى السلامونى عن الفيلم.

زائر الفجر .. نجاح له معنى
ما الذى يعنيه نجاح ـ زائر الفجر ـ هناك دلالات وراء نجاح هذا الفيلم أخطر من بقائه فى دار العرض سبعة أسابيع أو ثمانية أو أكثر أو أقل .. فى الوقت الذى تحاصره أفلام أصبحت تتسول النجاح بالحديث فقط عن الحب وكأنه مشكلة مصر .. وتتصور أنها يمكن ان تضحك على الناس الى الأبد بالمايوهات والضحكات الكاذبة وطرقعة القبلات وبيع لحم النساء الأبيض فى علب الأفلام.
ان ـ زائر الفجر ـ يخاطب الناس فى عيونهم .. لا يخدعهم ولا يساومهم ولا يضحك عليهم بأغنية أو رقصة أو صدر امرأة .. انه على العكس يخاطبهم فى قسوة ليفتح عيونهم على واقعهم ويحدثهم عن الشر الذى يأكل حياتهم وحريتهم .. والشرير فى ـ زائر الفجر ـ ليس فريد شوقى أو توفيق الدقن وعصابة المخدرات القابعة فى الكباريه .. انما هو شىء اكبر من هذا واكثر صدقا .. انه عصابة حقيقية من مراكز القوى والإرهابيين والتجار الكبار والمرتشين والإنتهازيين وتجار الكلمات والنسوة الداعرات .. وهى عصابة حقيقية لا تقبع فى كباريه وهمى وإنما تعشش فى مراكز أكبر من هذا طوال سنوات الرعب والظلام التى كانت تقتل الشرفاء وتلوثهم وتسلب حريتهم وحقهم غى التفكير وفى حب مصر بدلا من سرقتها وهزيمتها .. ومجرد عرض ـ زائر الفجر ـ هو انتصار للحرية .. وقيمة ممدوح شكرى العظيمة إنه بعد ان رحل اكتشفنا جميعا زن ما حاول ان يقوله منذ ثلاث سنوات فى هذا الفيلم كان حقيقيا .. وأننا أصبحنا نقوله جميعا الآن علنا وعلى كل المستويات .. وإقبال الجماهير على هذا الفيلم يؤكد ان الناس وجدت فيه نفسها بالفعل .. وأنها وجدت أخيرا من يقول لها وبإسمها شيئا لم تكن هى تعرف كيف تقوله .. وبعد ان مات ممدوح شكرى يؤكد فيلمه الأخير انه كان سينمائيا عظيما .. وأنه كان أفضل مخرجى جيل الشباب موهبة وأكثرهم وعيا ورفضا للمساومة وتقديما للتنازلات من أجل مزيد من الأفلام ومزيد من الفلوس وقيمة فيلمه ليس فقط انه قدم موضوعا جيدا وإنما قدم أيضا سينما جيدة .. والدلالة الأخطر من هذا كله أن جمهورنا إذن لا يرفض السينما الجيدة .. وأنه ما زال جمهورا يقظا يطلب سينما يقظة لا يقدمها له أحد .. أن هناك أملا إذن .. والصورة ليست قاتمة تماما كما يزعم تجار السينما .. ومطلوب بعد ـ زائر الفجر ـ أن يعيد شباب السينما المصرية حساباتهم وأن يحاولوا أن يبدأوا تيارا .. فلم يكن ممدوح شكرى إلا واحد منا .. ولا يمكن أن يكون الوحيد .
سامى السلامونى
مجلة الإذاعة والتليفزيون ٢٦/٤/١٩٧٥
**
وعاش معنا سامى السلامونى انطلاقنا فى الثمانينات ليتركنا فى مشارف التسعينات واليوم اعادة رؤية فيلم ـزائر الفجر ـ واعادة قراءة ما كتبه سامى السلامونى وحصد تجاربنا وصراعتنا .. وتتبع مناخ اليوم السينمائى .. كل هذا لعله يلح على البعض ما نفتقده فى السينما اليوم ..
والى اللقاء